نبذة عن الكتاب
الصّحفيّ: كتبتَ في الكتاب «أثناء الحرب تقاتل بالبنادق، لكنّك أثناء السّلام تقاتل بالحكايات.» كيف جاءتك فكرة هذه الرواية الدستوبيّة؟ عمر العقّاد: كنت أستمع إلى محلّلٍ سياسيّ في الوقت الذي اجتاحت فيه قوّات حلف الناتو أفغانستان قبل بضع سنوات. كان يُشير إلى موجة من المظاهرات تتابعَت ضدّ وجود قوّات الولايات المتحدة هناك. طرح المذيعُ سؤالًا من قبيل «لماذا يكرهوننا إلى هذا الحد؟» فأجاب المحلّل بأن الجنود الأمريكان مضطرّون أحيانًا لاجتياح قُرىً أفغانية وتفتيش البيوت هناك بعد إفراغها من ساكنيها ووضعهم تحت المراقبة المسلّحة، وأنّه في الثقافة الأفغانيّة يُعتبر هذا مُهينًا. أذكر أنني قلتُ في نفسي: سَمّ لي ثقافةً واحدة في العالم لا تعتبر ذلك إهانة، سمّها؟! ثم انطلق قطار الأفكار متسائلًا: ما الذي سيكون عليه الحال، لو أن هذه الشعوب في الشّرق، عاشَت رفاهية أن تنتقل حروبها إلى الغرب بينما تجلس هي لتشاهد من بعيد ما يحدث؟ إنّه العام 2074. اندلعت الحرب الأهليّة الأمريكيّة الثانية بعد انقسام القارّة إلى الشّمال المسيطر والجنوب المُقاوِم؛ وفيضان المحيطات والأنهار وابتلاعها أجزاء كبيرة من اليابسة؛ وانتهاء حروب الشّرق الأوسط بتشكيل كيان سياسيّ في الشّمال الأفريقي بإسم امبراطوريّة البوعزيزي بعد الرّبيع العربيّ الخامس، يُسيطر على العالم إلى جوار الصّين؛ واجتياح أكثر من وباءٍ القارّة. كانت سارة (سارات) شستنت في السادسة من عمرها وقتها، تعيش في حاوية نَقْل معطّلة مع أسرتها، بينما الطيّارات دون طيّارين تحلّق في السماء دومًا باعثَةً في الناس احتمال الموت في أيّ لحظة. لا مدارس ولا تعليم، لا خرائط ولا صور، العالم من حولها مرتبك، يحتشد فيه الجنود والمتمرّدون والمخبرون، ورجالٌ أجانب يحملون أهداف بلدانهم البعيدة. ستكبُر سارات، ستخوض أنهارًا وتحيا في خيام وتحمل البنادق، ستكون رمز النضال الجنوبيّ لنيل الحريّة، وسترعى أهلها خير رعاية. سنرى مساحات الخوف الهائلة التي تكتشفها في داخلها، ومساحات الحُب والثّأر واللاوعي، وحجم التمزّق الذي يُمكن أن تتعرض له قارّة متنوّعة الأعراق مثل أمريكا، بينما يُرسل الشّرق الأوسط الجديد لها سفن المساعدات المحمّلة بالأغطية والطعام المعلّب. سنعرف شخصيّة نعرفها مسبقًا، لكنها ستبقى بعد الرواية تنبضُ في الصّدر بألمٍ غامض، مثل دمعةٍ مسنّنة.